خطوة نحو التكامل الإقتصادي
يظن البعض أن تحقيق التكامل الإقتصادي في بلد ما يعتبر ضرب من الخيال ..وأن تطبيقه غير ممكن لا بل من المحال .. متعللين بشتى العلل ومختلف الأسباب .. ومن هذه الأسباب إختلاف الظروف من بلد لآخرمثل طبيعة الأرض والمناخ والمياه ومصادر الطاقة والموارد المالية والأيدي العاملة ....... الخ . وهذا الكلام قد يكون له جانب من المصداقية ونافذة ضئيلة من الصحة إذا كان المقصود به الدول الفقيرة التي تفتقر إلى أبسط مقومات المعيشة .. ولكن هل ينطبق هذا الكلام على بلد مثل العراق ؟! هذا البلد العظيم الذي حباه الله بمختلف النعم وملأ أرضه بأنفس الكنوز .. فهو يمتلك كل مقومات وإمكانيات تحقيق التكامل الإقتصادي بأرفع درجة وأقربها إلى الكمال وقد سمي ب ( بلاد الرافدين ) و ( أرض السواد ) لوجود نهري دجلة والفرات وخصوبة أرضه وغناها .. وإن شئت فأطلق عليه إسم ( بلد النخيل ) و ( بحيرة النفط ) و ( جنة الله في الأرض ) و ( بلد الحضارات ) و (بلد العلماء والفلاسفة والشعراء والأدباء ) وهذه المسميات تعبر عن مدى عظمة هذا البلد العظيم بأهله وبموارده وتنوع طبيعة أرضه من جنوبه إلى شماله من أهواره إلى جباله من هضابه إلى سهوله من نباته إلى حيوانه .. والسؤال هنا ماذا نحتاج لكي نحقق التكامل الإقتصادي ؟؟؟
لكي نحقق التكامل الإقتصادي ونخطو الخطوة الأولى الى ذلك فيجب علينا أولاً وقبل كل شيء أن نكسر الحاجز النفسي الذي وضعه الغرب ليوهمونا بعجزنا وعدم قدرتنا على القيام بأي شيئ من دون الإستعانة بهم .. وهذا كلام فارغ يتحدث به عملائهم من خلال مشروع دعائي ضخم جداً هدفه غسل العقول ووضع الحواجز لكي يبقى العراق في دائرة التخلف والضعف والعجز والتحول من بلد منتج - يسعى الى مطاولة الدول المتقدمة والوقوف معهم على قدم المساواة في العلم والتقدم والتطور العلمي والتكنولوجي – الى بلد مستهلك يستلقي على ظهره منتظراً الغربي أن يأتيه بقنينة الماء وعلب الأغذية وبنطلونات الجينز لكي يسرق مقابلها ثرواتنا ويحرق أرضنا ويثير الفتن فيما بيننا
إن عدم قدرتنا على تحقيق التكامل الإقتصادي هو عبارة عن كلام يردده العاطلون والكسالى في المقاهي وهم يلعبون القمار والدومينو لأنهم يقيسون أبناء هذا البلد العظيم على أنفسهم فهم يعيشون مثل الخفافيش يسهرون حتى الصباح وينامون حتى المساء ونسوا أو تناسوا أن العراقيين يظهر معدنهم الحقيقي في الصعاب ووقت الشدائد فهم أحفاد أولئك الرجال العظام الذين شيدوا حضارة وادي الرافدين العريقة العظيمة .وهناك رأي من بعض الجهال وقاصري العقول وفاقدي البصيرة يقول هؤلاء ما دمنا نملك النفط وهو يدر علينا أرباحاً طائلة فإننا بذلك نستطيع أن نشتري كل مانحتاجه من سلع وخدمات لا بل بأموالنا نستطيع أن نأتي بالأجنبي ليخدمنا فلماذا هذا التعب الزائد .. أقول لهؤلاء ماذا ستفعلون إن نفد النفط ومن أين سيعيش أبناءنا وأحفادنا غداً هل فكرتم بالأجيال القادمة ( اصحوا من نومكم وإغسلوا وجوهكم يا كسالى ) فأنتم ينطبق عليكم القول المأثور (( إن كنت تدري فتلك مصيبة .. وإن كنت لاتدري فالمصيبة أعظم )) .
والخطوة الثانية هي التخطيط المبرمج لموضوع التكامل الإقتصادي من خلال الدراسة الشاملة لجميع القطاعات سواء الصناعية أو الزراعية أو النفطية .... إلخ ووضع الخطط السنوية أو الخمسية أو حتى العشرية وإسناد الأمر الى لجان متخصصة تمتلك الخبرة والعلمية والمثابرة والجدية وأهم من هذا كله إيمانها بالعمل الذي تقوم به من خلال إحساسها بالمسؤولية تجاه أبناء بلدها في الوقت الحاضر والأجيال القادمة مستقبلاً على أن تقدم هذه اللجان نتائج عملها بصورة دورية الى الوزارة التي تتبع لها لكي يتم تقييمها والتعديل عليها وتقويمها لكي تأخذ مسارها الصحيح عندما تخرج من مرحلة التنظير الى مرحلة التطبيق العملي وبذلك نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح المؤدي الى تحقيق التكامل وقطف ثمار النجاح .
أما الخطوة الثالثة والتي تعتبر من أهم الخطوات لأنها تعتبر القاسم المشترك بين جميع القطاعات والميادين والمحرك الأساس لأي عمل سنقوم به في سبيل تحقيق هدفنا النبيل ألا وهو تحقيق التكامل الإقتصادي في بلدنا العزيز من خلال مشروعنا الوطني الشامل لجميع الميادين هذه الخطوة هي حل مشكلة الكهرباء .. هذه المعضلة التي مازلنا نعاني منها منذ سنين طوال والتي باءت كل الجهود لحلها بالفشل ولا نعرف السبب لذلك على الرغم من رصد المليارات لهذا الغرض والتي كانت تكفي لبناء محطات توليد جديدة وعملاقة تسد حاجة البلد من هذه الطاقة والحيوية لبناء دولة حديثة ومتقدمة .. وقد أدى الإنقطاع المستمر للطاقة الكهربائية الى سلب راحة المواطن وعدم قدرته على تقديم الجهد المطلوب للمساهمة في بناء البلد بالإضافة الى ذلك أدى هذا الإنقطاع بالطاقة الكهربائية الى توقف الكثير من الخطوط الإنتاجية في مجال الصناعة .. لأنه لاتو جد شركة من شركات وزارة الصناعة والمعادن تستطيع الإستغناء عن الكهرباء وقس على ذلك جميع القطاعات فمثلاً القطاع الزراعي يحتاج الى الطاقة الكهربائية لتدوير المضخات التي تسقي الحقول والبساتين وأيضاً في مجال القطاع النفطي والتجاري والبحث العلمي....إلخ .
عندما نخطو هذه الخطوات بثبات وجدية نبدأ مرحلة التطبيق العملي ونحاول الإستفادة من تجارب الآخرين في مجال الإستثمار وفي مجال التطور العلمي والتكنولوجي فمثلاً من الممكن الإستفادة من تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحولت خلال بضع سنين من صحراء قاحلة الى ما يسمى بزهرة الخليج .. فالشيخ زايد لم يكن يملك العصا السحرية ولكنه كان ينظر الى من حوله حتى أنه كان يتمنى أن تكون عاصمته مثل بغداد .. ففكر ثم خطط ثم نفذ وإستفاد من الخبرات الأجنبية والعربية في بناء حلمه الذي تحقق .
ونحن نحتاج الى هذه الهمة وهذه العزيمة .. فلماذا مثلاً لا يكون عندنا مصنع للسيارات وآخر للطائرات .. لماذا لانستغل ضفاف نهري دجلة والفرات لعمل المنتجعات السياحية والأماكن الترفيهية ومدن الألعاب ولماذا نترك مياههما تذهب سدى في البحر على الرغم من إنخفاض منسوب المياه فيهما وشحتها مما أدى الى تصحر الكثير من المساحات الخضراء وتخلف القطاع الزراعي هل عجزنا عن إقامة عدد من السدود في مناطق مختلفة من بلدنا لرفع منسوب المياه فيه وكذلك شق قنوات إروائية لإيصال المياه الى المناطق الصحراوية والله يجب علينا أن نستغل كل قطرة ماء في هذين الرافدين العظيمين والعيب كل العيب أن نترك مياههما العذبة تصب في البحر الأجاج وإلا لماذ ا يسمى بلدنا ببلاد الرافدين . لماذا لا نهتم بالسياحة ما دمنا نملك مقومات النجاح في هذا المجال .. لماذا لانتوسع في البناء العمودي والأفقي .. والسؤال الغريب الذي أود أن أطرحه عليكم هو ( هل يلبس الصيني أو الياباني الدشداشة العربية أو الكوفية والشماغ ) ..؟! أكيد الجواب كلا .. إذاً لماذا ندعهم يلبسونا ملابسنا العربية على مزاجهم ... لماذا لانصنع ملابسنا بأيدينا ...؟
وأخيراً وليس آخراً أود أن أبين بأن مسألة تحقيق التكامل الإقتصادي في قطر واحد لا يمكن أن تتحقق بالكامل ولكن في بلد مثل العراق من الممكن أن يكون محوراً أساسياً تتجمع حوله الأقطار العربية لتحقيق التكامل الإقتصادي العربي .. وعليه فالمطلوب من كل بلد عربي أن يدرس واقعه وإمكانياته ويحصي ثرواته وقطاعاته لكي يساهم بما يملكه من ثروات أوخبرات أو أيدي عاملة في تحقيق الحلم العربي الكبير .. فهل نشهد يوماً قيام السوق العربية المشتركة على غرار السوق الأوربية المشتركة .. ونشهد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق